الخميس 28 مارس 2024 08:17 مـ 18 رمضان 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
العسومي : يثمن مواقف موسكو الداعمة للقضية الفلسطينية، ويبحث سبل تعزيز ومأسسة العلاقات البرلمانية العربية الروسية برلماني: مبادرة الحكومة لخفض أسعار السلع خطوة إيجابية لدعم المواطن وتلبية احتياجاته اليومية أبو الغيط : غياب الأفق السياسي سيحبط أي جهود لجلب الاستقرار في غزة النادي الدولي لسفراء السلام في نيويورك يهنئ رئيس البرلمان الافريقي بعد اعادة انتخابه صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى الرمد بالزقازيق الشرقيه : تنفيذ 4 دورات تدريبية لأبناء المحافظة خلال شهر مارس الجاري ” تموين الشرقية ”ضبط (٨٨٦ كجم) لحوم وكبده و دواجن مخالفة محافظ الشرقية يتفقد أعمال الرصف والتطوير الجارية بشوارع مدينة ابو حماد محافظ الشرقية يلتقي بعدد من أعضاء البرلمان لإستعراض وحل مشاكل المواطنين زيارة لجنة وزارة الشباب والرياضة المشروع القومي للموهبة والبطل الأوليمبي بالدقهلية ”آركو” تشيد بجهود دول مجلس التعاون في تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني إصابة 9 عمال في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالفيوم

تقارير ومتابعات

أسامة شرشر فى «حوار الساعة» مع د. رشا رمزى باحثة الشئون الإفريقية: هذه هى أسرار الدور الإسرائيلى فى سد النهضة

* آبى أحمد.. بعد «نوبل» للسلام تحول إلى مجرم حرب

* حكايات من الداخل الإثيوبى تكشف سر تعنت أديس أبابا فى المفاوضات

* لماذا انسحبت إثيوبيا فى اللحظات الأخيرة قبل التوقيع على اتفاق واشنطن؟!

* تأثيرات كارثية لإنهاء وتشغيل السد على السودان ومصر

* لماذا تتخذ الدول الأوروبية موقفًا مترددًا ضد إثيوبيا؟!

هو حوار اللحظات الأخيرة فى قضية سد النهضة التى تشغل بال كل بيت مصرى؛ لأنها مرتبطة بالماء الذى هو الحياة.

فالدولة المصرية والرئيس عبد الفتاح السيسى يتخذون من الإجراءات والمحاولات الدبلوماسية الكثير لمحاولة منع وقوع صدام قادم قد يهدد المنطقة الإفريقية بأكملها، حتى أصبحت قضية السد هى قضية دولية وليست محلية؛ لأنها تجافى كل القوانين والاتفاقيات الدولية، فيما يزيد التعنت الإثيوبى الموقف اشتعالًا.

فلذلك كان هذا اللقاء والحوار مع الدكتورة رشا رمزى، أحد الباحثين المميزين فى الشأن الإفريقى، وخاصة الشأن الإثيوبى، حتى نعرف تفاصيل ما يجرى فى الداخل الإثيوبى وانعكاساته على موقف أديس أبابا فى سد النهضة، لأننا فى اللحظات الأخيرة التى تعود بعدها إثيوبيا لرشدها وصوابها تكون التنمية لمواطنى الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا أو يكون الصدام الذى يهدد استقرار المنطقة الإفريقية كلها.

** موضوع سد النهضة أصبح الشغل الشاغل للشارع المصرى والإفريقى وانتقل الحديث عنه حتى للمجتمع الدولى.. والمواطن العادى يهمه أن يعرف لماذا تتعامل إثيوبيا بهذا التعنت وتفاصيل ما يجرى فى الشارع الإثيوبى!

لمن لا يعرف فإثيوبيا عبارة عن اتحاد جمهوريات إثنية، فكل إثنية لها ولاية بحدود وعاصمة.. وهو ما يشير إلى أنها دولة هشة فى الأصل.. إلا أن ميلس زيناوى كان قادرًا على اسيتعاب كل الأطياف من خلال استقطاب أفراد المعارضة فى كل إثنية وضمهم إلى الطبقة الحاكمة، فأصبحت كل الإثنيات ممثلة فى الحكم.
وبعد وفاة زيناوى الرجل الأقوى فى إثيوبيا أتت أيدٍ مرتعشة، حتى جاء آبى أحمد من الأورومو من أم مسلمة وأب مسيحى، وقام فى البداية بخداع الجميع من خلال إطلاق سراح المعارضين السياسيين وتهدئة الشارع الإثيوبى وعقد اتفاق غريب مع إريتريا وإعادة الإقليم المتنازع عليه والتحالف معهم، وهو الاتفاق الذى نال عنه جائزة نوبل للسلام! .. إلا أنه بدأ تدريجيًّا بتغيير نظام الحكم واستبعد الكثير من الإثنيات حتى إنه لم يهدئ طائفته الأورومو أنفسهم بل حاول التوسع فى العاصمة الإثيوبية نفسها على حساب أراضى الأورومو.

وحاول آبى أحمد إرجاء الانتخابات فى العام الماضى بحجة انتشار فيروس كورونا؛ وهو ما لم يعجب إقليم تيجراى الذى أصر على التصويت على الانتخابات، فلجأ آبى أحمد للجيش الإثيوبى وحلفائه الجدد من إريتريا للقضاء على ما اعتبره تمردًا، وقام فى سبيل ذلك بجرائم إبادة جماعية أثارت غضب العالم.

فنظام آبى أحمد لديه الآن مشكلة مع الأورومو، ولديه مشكلة مع إقليم أوجادين الذى يريد الانفصال ولديه مشكلة مع تيجراى، بالإضافة لضغوط منظمات حقوق الإنسان والدول الغربية بخصوص الإبادات الجماعية، بالإضافة لاحتمالية إحالته للمحكمة الجنائية الدولية.
فكل ذلك يجعله يبحث باستماتة عن خلق عدو خارجى ممثلًا فى مصر من خلال مشروع قومى يوحد الداخل حوله ممثلًا فى سد النهضة، وهو ما يزيل عن كاهله كل هذه الضغوط.

** إذن ما المشكلة الحقيقية والأزمة فى موضوع سد النهضة؟

ما تفعله إثيوبيا فى موضوع سد النهضة سيحدث كارثة، فإثيوبيا تحاول فرض أمر واقع على القانون الدولى بخصوص الأنهار المشتركة والتعامل معه كنهر داخلى، والاتفاقيات التى ترفض إثيوبيا الاعتراف بها بمثابة اتفاقيات حدود بين دول، وهى الاتفاقيات التى سبق لإثيوبيا نفسها فى أكثر من مناسبة وأكثر من عهد الموافقة عليها.. وهو ما يعد إخلالًا بالنظام العالمى الدولى.
ما يحدث الآن هو خطر على أديس أبابا وفى مصلحة آبى أحمد، فهو يريد الاحتفاظ بالكرسى ولو على حساب مصلحة إثيوبيا نفسها.

أما المشكلة الخاصة بمصر فى سد النهضة، فهى قيام إثيوبيا بالملء الثانى للسد، بدون اتفاق ملزم لها ولجميع الأطراف، وتجاوز مصر عن هذا الاتفاق الملزم سيجعل النهر مباحًا للجميع بدون أى قيود أو التزامات، وهذه كارثة بكل المقاييس.

** البعض يردد أن آبى أحمد يعتمد على الدعم الإسرائيلى.. كيف ترين هذا الكلام؟

للأسف الشديد، ليست إسرائيل هى من خططت لموضوع السد، بل هو موضوع قديم فى إثيوبيا ومحاولات قديمة، ولكن الواقع أن دولًا عربية لديها استثمارات فى مشروع سد النهضة.
أما موضوع أن إثيوبيا تنقل مياه النيل لإسرائيل، فهو أمر مستحيل بدون موافقة مصر، فالاتفاقيات الدولية حاسمة بهذا الشأن، أنه ليس من حق أى دولة على مجرى نهر أن تستغل مياه النهر المشترك خارج حدودها بأى طريقة.

وبهذه المناسبة، فإن دول حوض النيل لا تستغل موارد النيل بطريقة مناسبة، إذ يتم إهدار أكثر من 90% من موارد نهر النيل سنويًّا ويجب أن تعيد مصر إحياء مشروعات استغلال مياه النيل بطريقة مشتركة بين دول الحوض، فهناك حوالى 1500 مليار متر مكعب من المياه تجرى فى مياه النيل سنويًّا يجب الاستفادة بها من دول الحوض جميعًا.

** وماذا عن ادعاءات آبى أحمد وحجته أن الاتفاقيات الخاصة بحوض النيل وقعتها إثيوبيا إبان فترة الاستعمار ولا حجية لها؟

هذه ادعاءات باطلة جملة وتفصيلًا، فالواقع أن إثيوبيا أقرت هذه الاتفاقيات فى حقبة وطنية ووافقت عليها بعد ذلك فى أكثر من مناسبة.

** وما الذى يمكن أن تفعله مصر فى التعامل مع أزمة سد النهضة؟

الحقيقة أن الدولة المصرية والرئيس عبد الفتاح السيسى تعاملا حتى الآن مع الملف بحكمة شديدة وتعامل مثالى من خلال حشد الرأى العام العالمى لصالح الموقف المصرى، وهو ما ظهر مثلًا فى تصريح قائد المنطقة الوسطى للجيش الأمريكى منذ أيام بأن مصر تتحلى بضبط النفس أمام استفزازات إثيوبيا فى التفاوض، وأظن أن العقوبات التى فرضتها الولايات المتحدة على أديس أبابا بخصوص جرائم حكومة آبى أحمد فى تيجراى أحد أسبابها هو التعنت فى مفاوضات ملف سد النهضة، خصوصًا أن إثيوبيا أخطأت خطأ جسيمًا عندما راهنت على الصين، الأمر الذى استعدى الولايات المتحدة ضدها.

** بخصوص أمريكا والمفاوضات.. ما تحليلك لانسحاب إثيوبيا فى اللحظات الأخيرة من مفاوضات سد النهضة التى جرت برعاية الولايات المتحدة؟

أعتقد أن إثيوبيا لم تكن أصلًا تنوى استكمال المفاوضات والتوقيع، بل إن الأمر كله مماطلة للوصول للمرحلة الحالية، وهو ما كشفه إقصاء إثيوبيا للمكتب الهولندى المسئول عن الدراسة البيئية لتأثير السد وهو الأكثر خبرة ولجوؤها للمكتب الفرنسى الأقل خبرة والذى لم يصدر دراسته حتى الآن.

وهناك ملاحظة خطيرة يجب الانتباه إليها وهى موافقة البنك الدولى على تمويل السد دون الدراسة البيئية ويجب على مصر مساءلة البنك الدولى فى هذا.

فالتأثيرات البيئية قد تكون ضخمة، وتؤثر على كل شىء فى دولة مثل مصر تعانى أصلًا من شح مائى وزيادة سكانية مطردة.

** وماذا عن موقف الدول الغربية.. لماذا يراه البعض موقفًا مترددًا وغير حاسم؟

الحقيقة أن هناك دولًا مثل فرنسا وإنجلترا موقفها واضح برفض العبث بالأنهار العابرة للدول، أما الاتحاد الأوروبى فيوجد لدى مصر أوراق ضغط يجب استخدامها ليقوم الاتحاد بإعلان موقف واضح وحاسم.

ومصر لديها الكثير من القوى الناعمة مثل الفن والثقافة والصحافة والإعلام ورجال الدين، وهذه القوى الناعمة يجب أن تكون فى مقدمة أدوات مصر لتوضيح موقفها للرأى العام العالمى والإفريقى وأهمية نهر النيل بالنسبة لها.

** وماذا لو افترضنا الأسوأ وقامت إثيوبيا بإنهاء ملء وتشغيل السد؟ ما التأثيرات على مصر والسودان؟

سد النهضة مبنى على منطقة فوالق، والعديد من خبراء الجيولوجيا يؤكدون أن ضغط المياه بسبب السعة التخزينية الكبيرة للسد سيتسبب فى زحزحة الصفائح التكتونية وإحداث زلازل مما قد يؤدى لاحتمالية انهيار السد أصلا.
وفى حالة انهيار السد فهذه كارثة بكل المقاييس، خصوصا على السودان، وسينهار سد الروصيرص وجبل الأولياء وستدمر المياه فى طريقها كل شىء حتى تصل الخرطوم.
فى مصر الوضع مختلف قليلًا لأن مفيض توشكى يمكنه استيعاب كميات المياه الزائدة، ولكن قد يكون هناك تأثير على جسم السد العالى، وهو الأمر الذى يجب أن يدرسه الخبراء للتأكد منه.

** هل تأخر إثيوبيا عن جدولها المعلن مسبقًا لرفع الحائط الثانى للسد فى صالح مصر والسودان؟ أم أنها مجرد تأخيرات فنية؟

الحائط الثانى للسد هو أساس المشكلة لأن إنهاءه يرفع تخزين السد إلى حوالى 100 مليار متر مكعب من المياه، وهذا أساس المشكلة.

والحقيقة أن إثيوبيا تتعامل باستفزاز متعمد مع الدولة المصرية، حتى وصل الأمر بمسئول إثيوبى للتصريح بأنهم ينوون تجفيف بحيرة السد العالى.

وأظن أن الخطوات التى تتخذها الدولة المصرية موفقة جدًّا، خصوصا فى العودة إلى الحضن الإفريقى، خصوصًا فى دول الجوار مع إثيوبيا.

وفى كل الأحوال أنا أعتقد أنه فى حالة استمرار التعنت الإثيوبى فإن عدم توجيه ضربة لسد النهضة خطره أكبر من توجيه الضربة مهما كانت نتائجها، والمثل المصرى يقول (مفيش بعد حرق الزرع جيرة).

فمياه النيل هى ميراث أولادنا وأحفادنا ويجب أن نحافظ عليها بأى تكلفة وثمن.

وأظن أن الموضوع سيحسم قريبًا جدًّا فى خلال أيام أو أسابيع قليلة.


** أخيرًا.. هل أنت متفائلة؟

متفائلة جدًّا.. فقد عادت الدولة المصرية إلى دورها الدولى كلاعب رئيسى فى الملفات الإقليمية، وأدركت الدول الكبرى أهمية وجود مصر كلاعب أساسى فى هذه الملفات، خصوصًا بعد ما رأيناه من دور مصرى مؤثر فى وقف الحرب على غزة.