الثلاثاء 23 أبريل 2024 01:38 مـ 14 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

ثقافة

بمناسبة صدور مجموعتة القصصية ” معركة درنة ” مناورات ” علاء أبوزيد ” ما بين الميكروفون والورق

معركة درنة
معركة درنة

بقلم : شعبان خليفة

 

 

 

 

 

 

 

السنوات التى تفصل بين زاملتنا فى صحافة سوهاج ، و الكتابة عنه قاربت الـ 30 عاماً بالتمام والكمال .. أشياء كثيرة تغيرت، فالطالب علاء ابوزيد هو الآن مدير المذيعين بإذاعة الشباب والرياضة ، و يقدم على الهواء مباشرة عبر الأثير مجموعة من البرامج الطازجة ( حتى لا تطير الاخبار- فى عز الزحمة - رجل فى المصيدة ).

كما أنه صدر له أربعة مجموعات قصصية أولها " فم النهر "و التى احتفى بها النقاد خاصة الأديب و الناقد الراحل استاذ الأدب بجامعة عين شمس د. بهاء عبدالمجيد فى دراسة رائعة حملت عنوان ( " البنات و النهر " قراءة فى قصص علاء أبوزيد ) ثم صدر له " الحافة " واتبعها بـ "القريب الأمريكى " لتكتمل الرباعية مؤاخراً بـ " معركة درنة "

وقصص علاء كما يصفها الأديب فؤاد قنديل فى مقال ٍ له " مثيرة فى بدايتها و نهايتها ..."

لقد احتفى المتخصصون بعلاء وصنفه البعض ضمن " الساردون الجدد " حيث البحث عن كتابة تشبه عصرها وجيلها ... علاء حصل على عدة جوائز عن ابداعاته منها جائزة ساويرس، و جائزة مجلة الثقافة الجديدة ،و جائزة كتاب اخبار اليوم فضلاً عن تكريمات أبرزها من قسم الإعلام بجامعة المنصورة ...

و بالتالى نحن أمام رحلة ثرية ما بين الورق والميكروفون .. مضى فيها علاء أبوزيد يناور بالإبحار فى أعماق النفس البشرية و فى المدن والأماكن من سوهاج إلى امريكا ،والكويت ، و السودان ،والجزائر، و اوغندا، و تونس .....و ليس هذا غريباً فالكتابة عند علاء أبوزيد هى " احتفاءٌ بذاكرة المكان "

الإهداء

لم يكن غريباً – على الأقل بالنسبة لى ولمن يعرفون طبيعة علاء الحنونه للأماكن و الأشخاص - أن يهدى علاء أبوزيد مجموعته القصصية الأخيرة "معركة درنة" لصحافة سوهاج " حبث تزاملنا ..و حيث لا مكان غرس ملامحه فى وجداننا كصحافة سوهاج .. قرأت لعلاء مؤكد بأكثر مما يعتقد و بأقل مما أريد ، وعشت معه وجع " الصليب يغادر النهر " و حيرة السورى الكردى العاشق فى " ربيع السورى العاشق " و ارتباك خلف الميكرفون فى " المذيع " ودخلت معه " مدينة الهواجس "

علاء أبوزيد فى قصصه كما نحات ،أو رسام .. كل شىء بدقة و له دلالته .. يلتقط ما يبدو حدثاً صغيراً أو مشهداً بسيطاً ليصنع منه تحفته الأدبية .. أو معشوقته "قصته القصيرة " التى برع فيها

( 1 )

البداية كانت من " فم النهر " أول مجموعة قصصية لعلاء أبو زيد يعود فيها و بها إلى القرية والطفولة، و النهر .. النهر الذى يعرفه علاء جيدا و يكتبه .. ، بل ويكتب قصصه بما يشبه جريانه و علاقاته بالبشر والأماكن التى تطل عليه ، أو يطل عليها فى هدوء يمضى دون ضجيج يمنح الحياة و الفرح والألم و يرسم الذكريات ...بلا تعقيد أو تقعير يحكى علاء و كأنه يوثق سيرة ذاتيه بسرد جديد ..يكتب التجربة بعفويتها و لا يبحث عن عقده وحل بقدر ما يبحث عن مشاعر تترجمها تصرفات ، و أفعال أبطاله تتسع باتساع الجغرافيا و الحركة والتجربة ..لكل مكان تجربته وما يناسبه و من مجموعة إلى مجموعة أخرى ينتقل علاء من " فم النهر " و حواديته الممتلئة بالذكريات الطازجة إلى " الحافة "

(2)

فى " الحافة " تتعمق تجربة علاء أبوزيد المتواصلة فى السرد الجديد الذى لا مجال فيه لقوبله أو أطر و لا مكان لكلمات زائده ..كل كلمة لها وظيفة تؤديها ، فعلاء يكتب كما لو أنه يحكى فى ميكروفون..تسلم العبارات بعضها لبعض لتصل بك لمراده فى قصة "ولاعة تشتعل احياناً " تشعر أنك لا تقرأ بل تسمع من شخص يجلس إلى جوارك .. يقول بطل القصة " .... قبل أن يجيب واصلت متردده.. ماذا فعل العاشقان؟ بدأ يحكي.. انصت، تأوهت.. لهثت.. صرخت وبعد أن هدأت طلبت منه ألا يكمل.. اخبرته أنها تريد أن تنام لكي تقبض على حكايته تركها تنام، لكنه لم ينم، جلس جوار التليفون، أخذ يحدق فيه ويسأل هل يرن؟!... رن.. " و مع الجملة الكلمة تشعر ان أذنك تسمع بالفعل رنين تليفون وفي قصتة ارتعاشة «اوقفت السيارة، اتجهت يدها الى أعلى، فكت برفق الايشارب نفضت رأسها فانسدل شعرها الاسود شلالاً فوق كتفيها مالت لاسفل، اسندت جبهتها على عجلة القيادة، تحرر شعرها الطويل، واصبح معلقاً في الهواء. وقت طويل مضى دون حديث اربت بيدي فوق كتفها فتعتدل .. " الوصف هنا كاشف لعلاقة الورق و الميكرفون فحرفة الأذاعة التى تكمن براعتها فى جعلك تسمع كأنك ترى اختلطت ببراعة الكاتب المذيع فاصبحت تقرا كأنك تسمع و ترى ..عند هذا الحد انتقل علاء لساحة جديدة تجوال فى بلاد الله ، فأضاف رُؤًى جديدة مزج فيه بين ذاكرتين وتجربتين فجاءت المجموعة الثالثة " القريب الأمريكى "

( 3 )

 

"القريب الأمريكي" كما وصفها متخصصون فى النقد والأدب أعادت للقصة رونقها بحسب

الكاتب أسامة عرابي وهو ما تجلى بصورة واضحة في القضايا التي طرحتها مجموعة "القريب الأمريكي"وعناوينها التي أضحت في كل واحدة منها فضاء واسعا رحبا لاينفصل عن واقعنا المعاش

و قد استطاع استطلاع علاء في مجموعته و الكلام لعرابى " أن يجعل المعني مفتوحا على التأويل من خلال تفعيل الدراما الداخلية وتضمين اسئلة العصر الكبرى الملحة والتي ظهرت بقوة في "القريب الأمريكي "و"البعيد السوداني" و"الرجل ذو اللحية في إنتظار خطابات الخالة" و"لونه ابيض "".

من خلال تقنية الفلاش باك حيث استدعاء الماضي والحاضر في اطار تصادمي .تمثل بقوة في الشخصيات التي أوجدها القاص في حالة أشبة بالعراك والسجال الدائر والمستمر .الذي لاينضب ولاينتهي.

و لم يبالغ الروائي بهاء عبد المجيد وهو يشير إلى " أن علاء ابو زيد نجح بشكل كبير في مجموعته "القريب الأمريكي"في نقل قضايا القصة القصيرة من المحلية الى العالمية بالإضافة إلى انه استطاع ان يصف العلاقة بين الرجل والمرأة بصورة تبعد كل البعد عن الشبقية والوصف الجنسي المحض .. و يواصل ابوزيد رحلته ليصل إلى رباعته طارقاً أبواباً جديدة فى عالم القصة القصيرة التى تمازح معه و تبادلا المحبة عبر أحدث انتاجه " معركة درنة "

( 4 )

فى مجموعته " معركة درنة " يمازج علاء أبوزيد بين تجاربه الزمانية والمكانية بين القرية ودرنة فى ليبيا .. بين تجربة قديمة برفقة والده ووضع معاصر آل إليه المكان مزج رائع بين الجغرافيا و التاريخ فـ "معركة درنة" هى احدى القصص التى تحمل المجموعة عنوانها و يطرق فيها " أبوزيد " مسالك ابداعية جديدة يكرس به وضع بين " الساردين " الجدد وهى صادرة عن دار الدهبية للنشر والتوزيع، فما زال " أبوزيد " بعيداً عن النشر العام ودهاليزه وقوائم انتظاره و المجموعة الجديدة رهاناً جديداً على موهبة كبيرة فى مجال القصة القصيرة حفرت أسمها ووضعت بصمتها فى هذا العالم الواسع الرحب .. و سيكون لنا قريباً قراءة خاصة فى هذه المجموعة الجديدة " معركة درنة " .