نفضح أسرار «الاتجار فى ملفات الدواء»

فجرت قضية صيدلى قبض عليه بتهمة "الاتجار فى ملفات الدواء"، عن طريق تسويقه لبيع ملفات الأدوية التى تمثل رخصة التصنيع والإنتاج عبر موقع إلكترونى؛ فضلًا عما ورد فى محضر رقم 546 بالمذكرة المعروضة على نيابة الأموال العامة بشأن ورود أسماء بعض الموظفين فى الإدارة العامة للصيادلة، الذين قاموا بإنشاء مكاتب تسجيل غرضها بيع معلومات "البوكسات"؛ وهى صناديق وأماكن تسجيل الأصناف الدوائية التى تباع بملايين الجنيهات، قضية هامة للغاية؛ ألا وهى "صفقات تصنيع الدواء"، فى بيزنس بين الشركات والمصانع وكبرى الشركات العالمية ليصل إلى 30 مليار جنيه سنويًا.
هى تجارة حديثة انتشرت منذ 5 سنوات، عن طريق استحواذ إحدى الشركات على مكان فى "صندوق التسجيل"؛ بحيث تصبح المالكة لإنتاج عقار معين، ثم تقوم ببيع الملف "أوراق حيازة العقار" بملايين الجنيهات، ولم يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة المصانع التى تستحوذ على ملفات تصنيع دواء ثم يباع المصنع بملفاته مقابل ملايين الدولارات، إذ وصلت آخر صفقة لشركة مشهورة إلى 800 مليون دولار.
والمتضرر الوحيد من هذه التجارة ليس الشركات أو المصانع التى تمثل سبوبة كبرى للشركات العالمية، ولكنه الاتجار بآمال المرضى فى حصولهم على الجرعة الدوائية، التى تمثل لهم المحطة الأخيرة فى مرضهم وسبب شفائهم، فلا يتم إنتاجها بسبب الأماكن الوهمية التى يتم حجزها فى صندوق التسجيل للأدوية أو تحتكر إنتاجها شركات عالمية.
قواعد اللعبة هى العلاقات الشخصية وشراء المعلومات، التى يتم تسريبها من داخل الإدارة المركزية لشئون الصيدلة، والتى تصل قيمتها إلى 100 ألف جنيه، أو تسريب المعلومات من قبل زوجاتهم من العاملين فى الإدارة نفسها، سواء للشركات أو المصانع، والغريب أن كل معلومات الشركات والمصانع بأسمائها التى تتاجر وتنقل الملكية مقابل رسوم رمزية متاحة داخل الإدارة المركزية لشئون الصيدلة، التى لم يتحرك لها جفن من حركة تداول وبيع الملفات.
إنتاج الدواء فى مصر قائم على نظام الصناديق بمعنى أن كل صنف له أصناف مثيلة ويتكون صندوق الإنتاج من أماكن للشركات، التى تسجل اسمها بحيث تصبح مالكة رخصة الإنتاج لصنف دوائى معين، ولها طريقان فى عدد أماكن التسجيل هما، 12 شركة أو 3 شركات فقط من يسمح لها بالتقدم فى الإدارة المركزية لشئون الصيدلة إلى أن ينتهى تسجيل الشركات المتقدمة خلال 10 دقائق أو ساعة واحدة على حسب المنافسة والسرعة فى التسجيل، وبعد حجز الشركات ملفات الدواء باسمها تصبح مالكة الحق فى إنتاجه، وتسدد الرسوم المطلوبة والإجراءات التى تكلفها من 25 إلى 50 ألف جنيه، بعدها يتم بيع الملفات بأكثر من 5 ملايين، لتحصل الشركة على أرباح تشبه السمسمرة تزيد عن 400%، كما حدث فى عقار السوفالدى، والهار فونى الذى أدرجته وزارة الصحة حديثًا لمرضى الالتهاب الكبدى الوبائى؛ ووصل سعر ملفه ما بين 10 و15 مليون جنيه.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تقدر قيمة سعر الملف على حسب التسعير الذى حصل عليه من الإدارة المركزية للصيادلة، فكلما كان التسعير أقل زاد سعر الملف، فمثلًا الدواء الذى يحصل على تسعير 20 جنيها يصل بيع ملفه لـ3 ملايين جنيه، ومثيله لنفس النوع المسعر بـ30 جنيها يتم بيعه بـ2مليون جنيه، ما يرفع أسعار تسريب المعلومات من موظفى الإدارة نفسها لحجز أماكن فى صندوق التسجيل.
وتنشط هذه التجارة بين شركات التول التى وصل عددها لـ1200 شركة، وواقعيًا لا يتجاوز عدد الشركات التى تتولى عمليات التصنيع 500 شركة فقط، بخلاف المصانع، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تحول إلى تجارة مشروعة على صفحات الإنترنت لبيع ملفات الدواء بالأسعار والعروض والأصناف الدوائية والأدوية منتهية الصلاحية بإشراف من بعض الصيادلة مثل موقعhttp://www.files.egyreg.com، فضلًا عن لجوء وتحايل الشركات والمصانع لتسجيل عدد كبير من الشركات لزيادة أعداد فرص استعلامها، لأن ما يسمح لها هو استعلام الشركة مرة كل 3 شهور، أما المصانع مرتين فى الشهر.
يشار إلى أن تجارة ملفات تصنيع الدواء شأنها كباقى التجارات المختلفة تخضع لقانون العرض والطلب، وأسباب انتعاشها ووجودها فى الأصل ترجع إلى تحديد عدد المسائل للمستحضرات الدوائية، بمعنى تحديد عدد الشركات التى يحق لها الإنتاج دون غيرها لتصب فى صالح كبرى الشركات العالمية أو شركات العاملين بالإدارة المركزية نفسها، وهى بدعة مصرية لأن وضع مثل هذه التحديدات نتج عنه تجارة بالملايين تحقق أرباحا خيالية بفضل استخدام العلاقات الشخصية من داخل الإدارة المركزية للصيادلة عبر شراء المعلومة قبل الغيره لما يقارب من 100 ألف جنيه أو بعض العاملين بالإدارة يكون لهم شركات على عكس النظام العالمى، الذى لا يسمح بتحديد الشركات المنتجة ولا توجد به مثل هذه الأنواع من التجارة، وذلك وفقًا لما أكده الدكتور محمد أشرف، نائب رئيس شعبة الدواء.