الخميس 9 مايو 2024 12:08 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

السفيرة نائلة جبر في حوار مفتوح لـ ”النهار”: مصر تسيطر على حدودها والمهاجرين غير الشرعيين يسلكون طرق مختلفة

لعبت مصر خلال الفترة الأخيرة فى سبيل مواجهة الهجرة غير الشرعية، ومكافحة جريمة الاتجار بالبشر، ولم تترك سبيل إلى وسارت فيه من أجل وضع حد لتلك الأزمات، لما لها من مخاطر كبيرة تهدد سلامة الوطن والمواطن، ونتيجة للجهود الكبيرة التى بذلتها الدولة المصرية فى هذا الطريق، باتت محل ثقة العالم أجمع وفتحت باب التعاون مع الجميع على مصرعيه من أجل الوقوف فى وجه تلك الأزمات.

أجرت جريدة "النهار المصرية" حوار مع السفيرة نائلة جبر رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، داخل مكتبها بوزارة الخارجية المصرية، كشفت خلاله عن استراتجية الدولة لمواجهة الهجرة غير شرعية، ومكافحة جريمة الاتجار بالبشر.

وإلى نص الحوار..

س/ في البداية ما مدي نجاح مصر في ملف الهجرة غير الشرعية خلال الفترة الأخيرة؟

مصر نجحت نجاح باهر في ملف الهجرة غير الشرعية، مما دفع الاتحاد الأوربي لدعم مصر ماليًا، وذلك نتيجة للجهود التي قامت بها وكانت ناجحة في مجال مواجهة الهجرة غير الشرعية، فمصر شكلت حائط صد بالنسبة للهجرة غير الشرعية فليس هناك مركب خرجت من مصر بشكل غير شرعي منذ رشيد فى سبتمبر 2016، ونجاح مصر يدرس الأن وبيتم الأخذ به بالنسبة للدول النامية الأخري.

واستطاعنا عمل أول قانون في الشرق الأوسط، وهو القانون رقم 82 لسنة 2016 الذي يعرف جريمة تهريب المهاجرين، وبيضع العقوبة الرادعة، ولا نضع عقوبة علي المهاجر المهرب ولكن نضع العقوبة علي المهربين، ثم تم تعديل القانون وتم تغليظ العقوبة سنة 22، ثم استكملنا العنصر التشريعي بأننا أنشائنا صندوق الهجرة والذي خرج من مجلس الوزراء مؤخرا، وهو صندوق للمهاجرين المصريين خصوصا العائدين من الخارج غير الشرعيين، ثم قمنا بعمل دراسات عن الهجرة غير الشرعية للشباب من 18 عام لـ 34 سنة والهجرة غير الشرعية للأطفال غير المصحوبين وهم أقل من 18 عام.

قمنا بعمل خريطة وهي أول خريطة توضح أكثر المحافظات تصديرا للهجرة غير الشرعية في مصر، ويتم تحديثها من خلال الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء وفقا للتغيرات التنموية التي حدثت في مصر، وقمنا أيضًا بحملة توعوية وقمنا بتسجيل فيلم قصير توعوي، ومن ثم قمنا بعمل تدريبات للقائمين علي تنفيذ العدالة داخل إكاديمية الشرطة والنيابة العامة والقضاء، وقمنا بتدريب الإعلاميين أيضًا، وشركة مصر للطيران طوال السنة مع القيام بالزيارات طوال العام للاقاليم والمحافظات، فكان هناك خطة عمل واستراتيجية وطنية 2016 لـ 2026، مقسمة لـ4 خطط عمل، وكل هذا يعكس مدي نجاح مصر في هذا الملف.

س/ وما هي العوامل التي أدت إلي هذا النجاح؟

من العوامل التي أدت إلي هذا النجاح، هو الإنجاز الذي قمنا بتحقيقه في الجانب التشريعي الذي ساعد وكان عامل مهم ومؤثر في هذا الملف، هذا إلى جانب الدراسات وجانب التوعية، وكان هناك تعليمات مشددة متعلقة بالجانب الأمني، فالجهات الأمنية حققت نجاحًا باهرًا بالنسبة للسيطرة علي الحدود المصرية، وتفعيل كل هذه العوامل ساعد في هذا النجاح المتكامل.

س/ ماذا عن التنسيق والتعاون الدولي في ملفات الهجرة غير الشرعية بين مصر ومختلف دول العالم؟

الجهات والمنظمات الدولية تهتم جدا بالتعاون مع مصر فمصر لديها حوالي 14 مكتب إقليمي في منظمات الأمم المتحدة، وجميعهم يحرصوا علي التعاون معنا والاستماع إلينا بل ايضا تمويل جزء كبير من الأنشطة التي نقوم بها على الحملات التوعوية والتدريب وغيرها من الأنشطة الأخري وتمويلها من الخارج.

كما أننا نلجئ إلى التوعية التى تعد جزء لا يتجزء من خطة عملنا، ونوجه أنظار الشباب إلى التعليم الفني الذى يحتاج إلى سواعد أبنانا وفرصه فى العمل مفتوحة ومتاحة، وهناك اتفاقيات مع دول كبري كألمانيا وأيطاليا لتطوير التعليم الفني فى مصر، لتوفير كوادر فنية مدربة على أعلى مستوي فى كافة المجالات، تساهم فى تطوير الدولة، وتعالج مشكلة الهجرة غير الشرعية من خلال توفير فرص عمل للشباب.

س/ هل هناك معوقات في عملية التواصل مع بعض الدول؟

لأ، لم يكن هناك معوقات في عملية التواصل مع الدول المجاورة، بل كل الدول مرحبه بالتعاون والسعي وراء التعاون والمشاركة مع مصر، فمصر تعتبر نموذج ناجحا يحتزى به، والمعوقات تتمثل فى تفكير هذه الدول بأن الأولوية للحل الأمني، بمعني الضغط علي الحدود الخاصة بهم لضبط المهاجرين غير الشرعيين وترحيلهم، ونحن نحترم عنصر السيادة وكل دولة حرة في حدودها وسيادتها، ولكن هذا لا يكفي ولابد من التفكير في حلول أخري بديلة كالحل التنموي من حيث أن تعمل الدول النامية علي تعظيم فرص التنمية، وأيضًا تفكر الدول في صور للهجرة الشرعية، فالهجرة الشرعية حل من حلول الهجرة غير الشرعية، فاليونان قامت بإتفاقية معانا حول العمل الموسمي للعمال الزارعيين، وأيضًا هناك الهجرة المؤقته والهجرة الدوارة، هناك فرص تستطيع أن تكون حلول بديلة للهجرة غير الشرعية، فالعائق هنا يكمن في تفكير الدول المتقدمة وهي التي تركز علي الحل الأمني ولم تطرح البدائل للهجرة غير الشرعية، في أشكال هجرة شرعية وبتضع معوقات بالنسبة للاعتراف بالشهادات الخاصة بنا، وطلب معادلة الشهادات والافصاح عما يحتاجونه من عمالة، فلابد من الاعتراف انها مجتماعات تعاني من الشيخوخة.

ما مدي تأثير الأزمات العالمية على ملف الهجرة غير الشرعية؟

الأزمات العالمية تؤثر جدًا على الهجرة غير الشرعية، فمصر كانت تحقق نجاحات باهرة قبل فترة "كورونا"، ومع انتشار الفيروس تأثر الاقتصاد المصري، مما أدى إلى تراجع النمو الاقتصادي، وتأثر أكثر بهذا التراجع العاملين فى أعمال غير منتظمة، والدولة عملت على معالجة هذه الأزمة من خلال برامج "الحماية الاجتماعية"، ولكن بعد ذلك شهدت المنطقة أزمات متلاحقة، إلى جانب الأزمات الموجودة بالفعل فى ليبيا وسوريا واليمن، وظهرت الأزمة السودانية، والكارثة الكبرى الإنسانية فى قطاع غزة، بالإضافة إلى التهديد الحوثي فى البحر الأحمر، كل هذه الأزمات تؤثر على اقتصاد دول المنطقة وبالتبعية مصر، كما تؤثر على فرص العمل، ولكن مصر تسير بخطوات ثابتة نحو جذب الاستثمار، وخلق فرص العمل.

س/ هل تعتقدي أن هناك علاقة بين تفاقم الأزمات العالمية وزيادة حالات الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية؟

الاتجار بالبشر مرتبط بالفقر، فمع نقص العمل وتراجع الاقتصاد وتفاقهم الأزمات العالمية تظهر حالات الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، ولكن هناك جانب اجتماعي مرتبط بتعجل الشباب على أنه يصبح لديه عمل ويحقق مكاسب سريعة، ووسيلة حياة كريمة كل هذا حقه، ولكن مع الظروف الاقتصادية الصعبة، فهذه الأمور تحتاج إلى وقت، كما أن بعض الشباب ينظر إلى أقرنائه الذين هاجروا إلى أوروبا من أجل العمل، دون أن يضعوا فى الحسبان أن الأمور تغيرت بعد الحرب (الروسية_الاوكرانية).

س/ ما هي الحملات التوعوية التي نظمتها مصر لتوعية المجتمع المحلي حول مخاطر الهجرة غير الشرعية؟

التوعية نحن نقوم بعمل حملات توعية مستمرة، ونحقق مشاهدات كبيرة على مختلف منصات السوشال ميديا، من خلال تلك الحملات، ونطوف مختلف المحافظات من أجل الحديث مع الناس، كما أننا نعدد لهم المحفزات ونسرد قصص نجاح المصريين فى الداخل فى مختلف المجالات، لنحفز الناس على البقاء والعمل والاستثمار، هناك نماذج ناجحة كثير على أرض مصر، تمثل عوامل مساعدة فى خطة التوعية من خلال تسليط الضوء عليها، فأنا شاهدت فى الصعيد مؤخرًا سيدة أقامت مشروع "كوافير"، وشاب أخذ قرض وافتتح "مطبعة"، وغيرها من النماذج الناجحة.

وماذا عن دور المجتمع المدني إلى جانب دور الدولة فى مواجهة الهجرة غير شرعية؟

المجتمع المدني يقوم بدور كبير فى خدمة المشروع التوعوي لمواجهة الهجرة غير الشرعية، فهناك العديد من المشاريع الناجحة التي بدأت عن طريق جهاز تنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، كما أن الكنيسة ورجال الدين المسيحي يقومون بدور كبير فى عملية اقراض الشباب لإقامة المشاريع ومساندتهم، فضلًا عن برنامج "مشروعك" التابع للتنمية المحلية، وهذا هو دور المجتمع المدني، القائم على تشجيع الشباب ومساعدتهم من أجل الاستمرار فى مصر، والفترة القادمة تحمل الخير.

س/ كيف تقوم مصر بتعزيز الرقابة والرصد علي الحدود لمنع عمليات الهجرة غير الشرعية؟

مصر تسيطر على حدودها بشكل كبير، ولكن المهاجرين غير الشرعي، يسلكون طرق مختلفة، من بينها طريق البلقان عن طريق اسطنبول وتركيا أو عن طريق دول مجاورة، ولكن القنصليات المصرية تقوم بدور كبير فى حالة ترحيل المصرين المهاجرين بطرق غير شرعية إلى دول أخر، كما تقوم مصر وأجهزتها الأمنية بمجهود جبار من أجل ضبط القائمين على تنظيم عمليات الهجرة غير الشرعية والمتاجرين بأحلام الشباب.

س/ ما هي الخطوات والتدابير التي اتخذتها مصر في مجال مكافحة جريمة الاتجار بالبشر على المستوى الوطني؟

عندنا القانون رقم 64 لسنة 2010، فضلًا عن اللجنة التنسيقية التى أرسها تحت الرئاسة المباشرة لرئيس الوزراء، وبتضم 30 وزارة، وهذا يؤكد على الإرادة السياسية الحقيقة لمواجهة تلك الجريمة، كما أننا إلى جانب تفعيل القانون نقوم بعمل حملات توعية، وندرب الناس للتعامل مع تلك القضايا، فهناك استراتيجية متكاملة.

س/ ما هو دور مصر في التعاون الدولي لمحاربة جريمة الاتجار بالبشر، وكيف تساهم مصر في الجهود الدولية لتقديم الدعم والتعاون في هذا المجال؟

لقد تلقيت دعوة مؤخرًا من أجل حضور اجتماع إقليمي سيعقد فى مسقط بسلطنة عُمان لتبادل الخبرات على المستوي الاقليمي فى مجال مكافحة جريمة "الاتجار بالبشر"، وكل فترة بنتقابل على المستوي العربي والأفريقي والدولي، فمصر تُدرس مكافحة الاتجار للبشر فى معهد الدرسات الدبلوماسية للدبلوماسيين الأفارقة بالعربي والانجليزي والفرنسي، وفى مركز بحوث السلام التابع لوزارة الداخلية لأكاديمية الشرطة، وتقدم نموذج رائع فى هذا المجال.

س/ ما هي التحديات التي تواجهها الدول إقليميًا ودوليًا في التعامل مع قضية الأطفال المصحوبين؟

مشكلة الاطفال غير المصحوبين أن القوانين الاوروبية تسمح للطفل لاقل من 18 عامًا بالحصول على الإقامة، ولا يتم ترحيله إلا بناء على طلبه أو طلب أهله، فالقوانين الأوروبية تشجع على ذلك، ونحن طلبنا من الأوروبين تغير القوانين، ولكنهم طلبوا مننا أن نضع نحن ضوابط فى القوانين الخاصة بنا، فوضعنا مجموعة من الضوابط بحيث نستطيع استرجاع ابنائنا من الأطفال غير المصحوبين.

وكان هناك تفكير فى البرلمان بتوقيع عقوبة على الأهل الذين يقوموا بتسفير أبنائهم للخارج بطرق غير شرعية، وكان محل نقاش كبير، وهذا المقترح عاد للسطح مرة أخري، ولكن هناك رؤية أخري ترى أن توقيع العقوبة على عائل الأسرة سيؤثر على الأسرة نتيجة الأعباء الإضافية التى ستوضع على كاهلهم بسبب عقاب المعيل.

اخيرا.. ما هو الحل الجذري لمشكلة الأطفال غير المصحوبين؟

الحل عن طريق ضبط الحدود، وتعزيز التنمية، واتاحة فرص بديلة للأسرة، بالإضافة بالطبع إلى التوعية بكل أنواعها عن طريق رجال الدين، أو الإعلام وغيره بمخاطر الهجرة غير الشرعية خاصة على الأطفال الصغار، الذين يتعرضون فى هذا السن الصغير إلى طمس الهوية الثقافية، فالتوعية مهمة جدًا وتتطلب تكاتف كل فئات المجتمع، ومنظماته من أجل أن تؤتي ثمارها.